حقوق الأبناء على الآباء
إن الأولاد نعمة عظمى ومنحة كبرى ، يجب شكرها ، والقيام بحقوقها …
وحول هذا الموضوع نسطر لكما أيها الزوجان الفاضلان هذه الكلمات اليسيرة حول حقوق الأبناء عليكما ، وهي على النحو التالي :
أ- حقوق قبل وجود الولد
ب-حقوق بعد وجوده وظهوره على وجه الدنيا
فحق الولد قبل خروجه للدنيا :
1- اختيار الزوجة الصالحة التي تكون بعد ذلك أماً مربية صالحة ، فالأم أول لبة في تربية الولد . لذلك قال صلى الله عليه وسلم: ( تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) رواه البخاري ومسلم . وعلى المرأة كذلك أن تختار الرجل الصالح حتى يتعاونا جميعاً على تربية الولد ….
2- الحرص على اتباع السنة في الجماع وقول ما ورد من أذكار ومن ذلك : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) قال صلى الله عليه وسلم : ( ثم قدر أن يكون بينهما في ذلك وقضى ولد لم يضره شيطان أبداً ) رواه البخاري ومسلم .
3- دعاء الله تعالى بأن يرزقكما الولد الصالح فهذا شأن أهل الإيمان قال تعالى : ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ) وقال تعالى عن زكرياء : ( هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) (آل عمران:38) .
4- العناية به أثناء وجوده في بطن أمه ، فلا يجوز إيذاؤه أو التسبب في ذلك ، والتعدي عليه بإسقاط أو نحوه .
وأما عن حقوقه بعد خروجه للدنيا فكثيرة من أهمها:
1-فاستقباله وفق السنة ، ومن ذلك : تحنيكه بالتمر والدعاء ففي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إلي ) .
ومنها تسميته التسمية الحسنة ، والبعد عن الأسماء المحرمة والتي لا تليق بالمسلم ، فالاسم له دور في نفسية الولد . ومنها : العقيقة عنه وتكون في اليوم السابع أو الرابع عشر أو الحادي والعشرين ثم متى ما شاء بعد ذلك …. وتكون عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة .
2-ولا يعدل عن حلب الأم إلا لضرورة لأنه هو الأنفع له .
3- النفقة عليه ، وإطعامه الحلال والابتعاد عن المحرمات فأي جسد نبي على السحت فالنار أولى به .
4- العناية بتعليم الابن ما ينفعه في دينه ونياه ، وأهم شئ غرس العقيدة السليمة في نفسه ، وحثه على الخير ومصاحبة أهله . وتحذيره من الشر وأهله . وتعويده على الصلاة قال تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}. وجاء في الحديث “مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ” الذي رواه أحمد وأبو داود .
5- تربيته على مكارم الأخلاق وتحذيره من مساؤي الأخلاق ، وقد حكى لنا تعالى قول لقمان لابنه : ( يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) وفي الحديث : قال صلى الله عليه وسلم قال: ( ما نحل والد ولداً نحلاً أفضل من أدب حسن ) رواه البيهقي . ومعنى ونحل أعطى. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لأن يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع على المساكين ) وروى الطبراني .
6- الحذر من ضربه بصفة مستمرة ، أو بدون سبب ، لأن ذلك يضر به وينشأه على العنف ، فليس كل خطأ يضرب من أجله ، بل هناك ما ينفع فيه الكلام ونحوه …
7- العناية بعواطفه وتلبية رغباته في اللعب واللهو ، بعيداً عن المخالفات الشرعية …
8- الشفقة عليه ، والرحمة به وتقبيله ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقبل أولاده ، والحسن والحسين ، وقال : ( من لا يرحم لا يرحم ) .
9- العدل بين الأولاد ، قال صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) . واختلف العلماء في كيفية العدل بين الذكر والأنثى على أقوال أشهرها : أن المال الذي يعطيه للذكر يعطي مثله قدراً للأنثى سواء بسواء فإن أعطى هذا ديناراً يعطي هذه ديناراً . وقال جمع العلماء : إن العدل بين الأولاد أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثثيين وهذا هو الصحيح ؛ لأنه قسمة الله- عز وجل – من فوق سبع سموات وقال-تعالى- : { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى } فإن الولد تنتابه من المصارف ويحتك بالناس وتكون مصارفه أكثر من الأنثى .
10- بعد البلوغ يعلم الابن ما يهمه في أمور الغسل من المني . وبالنسبة للبنت تعلم أمور الحجاب وأنه واجب عليها قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) وتعلم كذلك ما يكون من طبيعة النساء وكيف تتعامل معه كالحيض ونحوه مما يختص بهن .
11- العناية باختيار الزوجة الصالحة للابن ، والزوج الصالح للبنت والحذر من عضلها وإجبارها على من لا تريد الزواج منه .
12- الدعاء لهما بالصلاح والتوفيق ، والحذر من الدعاء عليهم ، قال تعالى : ( وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ ) . تنبيه : من رزقه الله تعالى الإناث فعليه الرضى بما كتب الله تعالى ، وليعلم أن الولد والبنت كل من عند الله وأنه : ( يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ) (الشورى:49) . وفي العناية بهن وتربيتهن أجر عظيم ففي الحديث : ( من أبتلى بشيء من هذه البنات فرباهن فأحسن تربيتهن وأدبهن فأحسن تأديبهن إلا كن له ستراً أو حجاباً من النار ) . نسأل الله تعالى أن يرزقنا الذرية الطيبة ، وأن يصلحهم لنا وأن يرزقنا برهم ، آمين .