بعد الحملة الإستكشافية – الدراسية التي تمت أواخر السنة الماضية بجل مناطق الجهة بحثا عن الذهب الأسود، حطت مؤخرا شركة "الفايكينك" الأمريكية رحالها بالجماعة القروية أحد الغربية وبالضبط بمدشر "الدعيديعة" من أجل التنقيب على البترول حاملة معها آلات ومعدات لوجيستيكية ضخمة.
فقد أكد مصدر من داخل الشركة أن الأمر يتعلق بالمرحلة الثانية بعد المرحلة الأولى التي تم خلالها القيام بعملية المسح "السيزيمي" للمنطقة. ومعروف عن هذه العملية أي المسح السيزمي – يؤكد باحث في مجال الطاقة والمعادن- أنها أداة عملية لتحديد التكوين الجيولوجي تحت سطح الأرض، ويعتمد على تفجير شحنة صغيرة من المتفجرات القريبة من السطح، تنتج عنها صدمة آلية أو هزة أو موجة سيزمية، من نوع ريلي Rayleigh أو لوف Love ، وهذه الموجة تعود إلى السطح بعد انعكاسها من الأوجه الفاصلة بين الطبقات ذات الخواص الطبيعية المختلفة، وتسجل الانعكاسات بأجهزة حساسة سريعة الاستجابة لحركة الأرض Geophones & Detectors، توضع على أبعاد محددة من نقطة التفجير لتلقي الموجات الصوتية المنعكسة وقياس زمن ارتداد الموجة السيزمية. وينتج عن هذه المرحلة- يضيف نفس المصدر- إنتاج خرائط تركيبية لأي مستوى جيولوجي يعطي انعكاسات للموجات الصوتية، وتحديد أماكن الطيات المحدبة والفوالق والقباب الملحية والشعب وخواصها.
نتائج المرحلة الأولى كانت إيجابية إلا أنها لا تكفي في تحديد كمية وحجم الأحواض البترولية، مما دفع شركة "الفايكينك" بالإنتقال إلى المرحلة الثانية أو ما تسمى بالحفر الإستكشافي، خاصة بعد أن تأكد لها بالإضافة إلى النتائج السالفة الذكر وجود شواهد بترولية على سطح الأرض، وهو ما أكدته لنا ساكنة المنطقة الذين لاحظوا ما يشبه الزيت طافحا فوق مياه بعض الآبار.
الحفر الإستكشافي حسب نفس الباحث في مجال الطاقة والمعادن يلي المسح الجيوفيزيائي والدراسات الجيوكيميائية والمسح السيزيمي التي تقود إلى تحديد أنسب الأماكن التي يرجح أن تكون حقولا منتجة، ويبدأ بحفر أولي الآبار الاستطلاعية التي تسمى بئر القطة البرية Wild Cat Well، طبقا لتقدير علمي دقيق لموقع الحفر والأعماق المطلوب الوصول إليها، وأنواع الأجهزة التي تستخدم في تجويف البئر، ثم تسجل النتائج في وثيقة التسجيل البئري Well Logging، والتي تشمل تحديد أنواع وسمك الطبقات وسمكها، وتقدير أعمار الصخور طبقا للحفريات الموجودة في كل طبقة إلى جانب قياسات المقاومة الكهربية والنشاط الإشعاعي وانتشار الموجات الصوتية، والكثافة، وتستكمل بالصفات الطبيعية مثل المسامية والنفاذية، والخصائص الكيميائية. وتتم متابعة –يضيف نفس المصدر - تحليل العينات الجوفية أولا بأول خلال حفر البئر الاستكشافي بهدف معرفة وتحديد تتابع الطبقات للصخور الرسوبية في الحقول البترولية المنتظرة.
وحسب الموقع الإلكتروني " رأس غريب" المتخصص في الدراسات الجيولوجية، عادة ما تحفر البئر الاستكشافية الأولى على قمة التركيب الجيولوجي المراد استكشافه، أو على الموقع المقدر نظريا أن يحقق أكبر إنتاج ممكن. ويراعى ما أمكن ذلك أن يكون تجويف البئر رأسيا، فاختبار زاوية ميله كلما تعمق الحفر لإجراء التصحيحات المطلوبة عند الضرورة. ومع أن حفر البئر الأولي يعطي الدليل على وجود البترول، وتركيب المكمن البترولي، وأعماق الطبقات الحاوية للزيت من سطح الأرض وخواصها، إلا أن تحديد الحقل البترولي، بحجم كميات البترول المنتظر إنتاجها، وتقدير الاحتياطي المرجح من البترول في الحقل يتطلب حفر آبار استكشافية أخرى حول البئر الأولي. ويجري في حالات عديدة حفر "الآبار القاعية" العميقة في الأماكن الملائمة لتجمع الزيت أو الغاز، لدراسة التركيب الجيولوجي والظروف الهيدرولوجية لتكوين الطبقات الرسوبية، وكذا "الآبار البارامترية" لتدقيق المعلومات عن التراكيب الجيولوجية للصخور في منطقة البحوث الاستكشافية.
وتجدر الإشارة أن عملية التنقيب تتم فوق عقار تتراوح مساحته حوالي هكتار تعود ملكيته لمجموعة من الورثة، تم التعاقد معهم من أجل الكراء لمدة سنة قابلة للتمديد في حالة إذا كانت النتائج جد إيجابية. وبالمقابل إحتج ساكنة المدشر الذي يعرف عملية التنقيب، على الأضرار الناتجة عن عملية الحفر وما تخلفه من تطاير للغبار، وهو ما تداركه المسؤولون بالشركة المعنية، التي إستعانت بخزانات للمياه ورشها بين الفينة والأخرى فوق مكان الورش.
بقلم نمط بوغابة رئيس التحرير بالجريدة الأسبوعية لاكرونيك