Transparent]ليس كل رجل و إمرأة بعيشان تحت سقف واحد قريبين من بعضهما بعضاً , فالمسافة في معيار
الحب والالفة لاتقاس بالأمتار , وإنما بالإحساس , وكثيراً ما يعيش أزواج في مساحات ضيقة تحدها
الجدران من كل صوب , ولكن مشاعرهم تغدو أشد صلابة من الأسمنت , فيشعران بأنهما في عالمين
تفصلهما هوة سحيقة , أو بأنهما مغناطيسان إلتقيا من حيث يجب أن يتنافرا .
حينئذ تصبح الحياة الزوجية أشبه بالوظيفة , بل بالعمل الذي يمقته صاحبه ولا يقوم به إلا بحكم
الضرورة والواجب , ويتمنى في قرارة نفسه لو أن المحيط الأجتماعي كان أكثر تسامحاً , لكان رفع
راية " كفاية " وانصرف .
تلك هي أعراض الأنفصال الوجداني : الأنفصال الذي يتم على مستوى المشاعر , بينما يبقى
طرفاه على مستوى الظاهر مترابطين , بل ربما يحسدهما الآخرون على ما هما عليه من وئام .
قبل مدة نشرت وكالة الأنباء اليمنية نتائج استقصاء صحفي أجرته حول حقيقة المشاعر الزوجية
فكشف الأستقصاء عن نتائج مفجعة وتدعو للرثاء , نساء يعترفن بمآس لا تكشف عنها المظاهر
الخادعة , ورجال لا يتوانون عن الإقرار بضجرهم وقرفهم ورغبتهم في الخلاص .
إمرأة تقول أن زوجها لم يقترب منها منذ سنوات , مع إنهما يتصرفان أمام الناس وكأنهما سمن
على عسل , واخرى تقول إنها اتفقت وزوجها على الأنفصال , وبينما هو يتحرك بحريته مستفيداً
من قانون المجتمع , فأنها تلزم بيتها ولا تخرج إلا لماماً , وذلك بهدف الحفاظ على الأبناء .
إن ما يجري هو طلاق صامت وغير معلن , وتقول أختصاصية أجتماعية إن هذا النوع من الطلاق
غير المعلن أسوأ من الطلاق المعروف بابغض الحلال , ففي النوع المعلن يتجرع الزوجان أو
أحدهما سم ّ اللحظة , ولكنه بعد حين يتعافى ويستعيد أمله في الحياة , أما الأنفصال غير
المعلن , فهو أشبه بدفن الحي .
وليست هذه , لا سمح الله دعوة للطلاق وإنما هي دعوة إلى وضع النقاط على الحروف ,
فالجمر الذي تحت الرماد سينكشف عند هبوب أول نسمة ريح , وقد يسبب حريقاً يخرج عن
السيطرة إذا لم تتم معالجته في الوقت المناسب
.