كل من زار مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية ببني مكادة، إلا وسجّل مجموعة من ملاحظات تكادُ تكونُ القاسم المشترك بينه وبين باقي مستشفيات ومستوصفات المدينة. فهو يفتقر إلى تجهيزات طبية وخدماتية وإيوائية من قبيل الأفرشة والأغطية، حيث يقضي بعض النزلاء المبيت على الأرض، خاصة بجناح الرجال، الذي تشكو مرافقه من نوافذ مكسرة الزجاج وانعدام النظافة و\"الدوش\".
|
وإذا كان المستشفى المذكور يتوفّر على ساحة داخلية شاسعة، فإنه لم يتم استغلالُها جيّدا بتحويلها إلى فضاء أخضرَ يُنبت النبات الحسن وَيُعطي لعين الزائر أو النزيل مشهدا مريحا، على الأقل لتحسيسهما بأن المؤسسة تسهر على توفير سبل الراحة النفسية والمعنوية والجمالية التي لا يمكن تحقيقُها في ظلّ وجود أوساخ وأزبال وطفيليات بالساحة، فضلا عن قمامة الأزبال قبالة الباب الرئيسي. ثم إن وجبات الطعام المقدمة للمرضى، ولا سيما، وجبة العشاء المقدمة مبكرا على الساعة الخامسة مساء، تجعل البعض منهم يشعر بالجوع ساعات بعدها، وهنا يبدأ زمن الصراخ والإتيان بتصرفات سلبية، وبالتالي يتسبب في معاناة بعض الممرضين، رغم قساوة وضعيتهم الاجتماعية والمادية، فإنهم يحاولون تقديم المستطاع للمرضى، كتلبية بعض الأغراض البسيطة من جيوبهم تفاديا لصداع آلة هؤلاء المرضى التي لا تتوقف. ونفس الشيء يمكن قوله في حق بعض الأطر والكفاءات المتفانية في أداء واجبها حيال النزلاء بالمستشفى، غير أن مشاكل هذا الأخير تبقى مرتبطة بالدرجة الأولى من حيث تسخير الإمكانيات المادية والتغلب على توفير بنية تحتية لائقة وتجهيزات في المستوى المطلوب، تساعد على أداء المهام التي من أجلها أقيمت المؤسسة الاستشفائية، خاصة وأن اختصاصاتها جد مرغوب فيها في عصر باتَ يعجّ بالمصابين نفسيا وعقليا، حيث ترتفع الحصيلة سنة عن أخرى في صفوف المدمنين على شتى أنواع المخدرات أو في صفوف الخريجين من المعاهد والجامعات نتيجة انسداد آفاق الشغل، مع ضيق أيدي أسرهم، وصعوبة إخراجهم من دوامة الضياع والانتظار،! بمعنى آخر، إن هيكلة وتأهيل المستشفى موكولان للوزارة الوصية التي تستهلك \"الشفوي\" كثيرا وتهملُ التطبيقي زمنا طويلا! فهي المعنية -بامتياز- بالسعي وراء رصد الميزانيات للنهوض بالقطاع عموما وتحسين ظروف اشتغال العاملين والمستخدمين والأطر، ثم عليها مراقبة قطاعها على مستوى الأداء والتجهيز وغيرهما.
والحق يقال إن مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية بطنجة، وبحكم أن النزلاء به مرضى مواظبون على العلاج تحت سقفه بين فترة وأخرى، نظرا لأن بعض الحالات موسمية أو مزمنة، فإن ذوي هؤلاء النزلاء في حاجة إلى إطار جمعوي ينظمهم -مثلا- لعلهم يستطيعون إيصال نداءاتهم وطلباتهم التي تروم تحسين ظروف علاج فلذات أكبادهم والتخفيف من معاناتهم، غير المقبولة من طرف كل مغربي حر وغيور، حتى أنه تم تسجيل مصادفة مثيرة تتجلى في غياب العلم الوطني عن العمود المثبت على بناية جناح الرجال، وكأن لسان حال هذه المصادفة يقول لا يمكن لمستشفى بهذه المواصفات والظروف المتطرَّق إليها -سلفا- أن يستحق حملَ العلم الوطني!؟