منتديات شباب دارالشاوي
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
اطول رسالة في العالم(جزء2) >


منتديات شباب دارالشاوي
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجو منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
اطول رسالة في العالم(جزء2) >


منتديات شباب دارالشاوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.




 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

هـــام:       شرح طريقة اضافة الصور الى مواضيع المنتدى.....انظر قسم مشاكل و حلول الكمبيوتر و الانترنت                                   


 

 اطول رسالة في العالم(جزء2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
lkaram




الجنس : انثى
الابراج : الجوزاء
عدد المساهمات : 61
نقاط : 111
تاريخ التسجيل : 26/04/2010
العمر : 36
الموقع : دار الشاوي الجديدة

اطول رسالة في العالم(جزء2) Empty
مُساهمةموضوع: اطول رسالة في العالم(جزء2)   اطول رسالة في العالم(جزء2) I_icon_minitimeالخميس مايو 20, 2010 12:28 pm

أفراد العائلة الذين يعيشون في " سان فلور " أوحولها. إنها على بعد مئة كيلومتر. نراهم، فقط، في العطل.
2. جيران البلدة " برامفان - بوب دودوم ".
3. زملائي في الصف، وأساتذتي.
من الجيران، توجد السيدة " بويار "، هي التي تعطي الأبر في المنزل. ويقول جدي إنها تعرف كل أرداف القرية. وهي أيضاً لها حفيد في باريس ليس له أب. وربما لهذا السبب تحبني كثيراً. . وأنا كذلك.
من العائلة، يوجد العم " جان "، أخو جدتي. إنه يضرط، ويتجشّأ، ويدخن كثيراً، ويقول " عاهرة " و " قواد" ثلاث مرات في جملتين. عنده أحفاد - إنني أعيد أشجار نسب العائلات - " جوجو " و " ليلي " : إنني لا أتفاهم معهما تماماً، لأنهما يخافان من فقدان أغراضهما. وما إن يفقد أحدهما شيئاً، حتى يتشاجرا - ودائماً، يجدان سبباً لإيقاف اللعب، أنت تعرفين هذا النوع من الأولاد.
في الصف، الشخص الذي أكن له إعجاباً كبيراً، هو " أنجلوبورتوليتو ".
" أنجلو " لديه حس العدالة. إنه يضرب فقط من الأمام. هناك أشخاص يستغلون انخناءك للأمام - لعقد شريط حذائك مثلاً - فيركلونك بكعبهم من الخلف، أو تجدين من يسرقون حلوياتك في المقصف، بحجة أنهم يمازحونك ولكن ليس " أنجلو " مثلهم. لقد تم انتخابه ممثلاً عن الصف بالإجماع. وأنا رشحت نفسي أيضاً، لكنني لم أحصل إلا على صوت واحد : صوتي أنا. لقد آلمني ذلك كثيراً، ولم أقص ذلك على جدتي لأني جئت مع " التجميع المدرسي ". _ في المدرسة الابتدائية في " برامفان" كنت دائماً قائد الصف في " كليرمون " لا أحد يعرفني، وتم اختيار " ماريون دوك " مساعدة له. إنها في الحقيقة، تنفع، فقط، لتأخذك إلى غرفة العيادة، وهي تتكبر وكأنها ملكة بريطانيا، بينما " أنجلو " لديه، على الأقل، شيء يقوله في اجتماعات الصف. إنني أود كثيراً أن أكون صديقه.
ومن المعلمين، السيد " دولا هي " هو الأكثر شهرة. إنه عصري جداً، فهو يريدنا أن نتحمل مسؤولية أنفسنا، وأن نصبح مستقلين في كل شيء. إننا نطبق ذلك في حدود ما هو إجباري، وإذا تراخى قليلاً، نعود إلى لا مبالاتنا المعهودة. وبشكل عام، فإن المرء يفضل الثرثرة مع جيرانه في الصف، أو قراءة مجلة القصص المصورة، على أن يرتمي بين الملفات. إنه يرسلنا غالباً للقيام " بأبحاث" في كل مكان تقريباً. حتى الآن، كنت أعتقد أنني أقدّر السيد " دولاهي "، أما الآن فلا أظن ذلك، بعد أن فكرت كثيراً. واعتقد أنني لست من نمطه، إنني أكره العمل مع مجموعة، والخطابة أمام الجميع، والقيام بالتحقيقات. إنني أفضل الكتابة منفرداً بنفسي. لقد كان يقول إنني لا أتكلم بما فيه الكفاية. أما الآن، بعد أن اختفى صوتي، فإنني لا أتكلم إطلاقاً، لقد انتهى الأمر. لا حظي أنه في هذه الفترة قد تغير معي، فهو يتركني وشأني، وكذلك أصبح لطيفاً جداً في معاملته لي.
عندما اكتشفته جالساً خلف مكتبه، بداية السنة الدراسية، قلت لنفسي على الفور : " أعتقد أنني قد رأيت من قبل هذا الشخص، في مكان ما ".. لقد طمأنني هذا، لأنك عندما تدخلين الصف السادس لاتعرفين أي شخص إطلاقاً. ولكنني لم أكن مخطئاً، وفهمت لماذا تألمت عندما قال " أنجلو " : " خذ، هذا مضحك إنك تشبه مدرس اللغة الفرنسية ". لقد تألمت لأن السيد " دولاهي " لم يكن جميلاً جداً، لدينا نوع النظارات نفسه، وهذا كل شيء.
والأساتذة الآخرون مضجرون بدرجة أو بأخرى، حسب الظرف.كل واحد له ميوله المفرطة الصغيرة. فمدّرس التاريخ والجغرافيا يشخر. ومدرس البيولوجيا يداعب ربطة عنقه أو يلوح بها، ومدرس الانكليزية يقص سيرة حياته بالفرنسية، ومدرس الرسم يحك عنقه بقلم ماركة HB، ومدرس الرياضيات يحك رأسه بأصابعه، وأغلبهم يقول : " أليس كذلك " أو " هل هذا مفهوم " مئة مرة في الساعة.
***
إنني لا أسجل تاريخ اليوم عندما أكتب لك. ودعينا لا ننسى أنها الرسالة الأطول في العالم. على كل حال، أنا أكره التواريخ، والساعات. نستطيع أن نعيش بدونها بشكل جيد جداً، إنني أكتب لك عندما أشعر بالرغبة في ذلك.
بخصوص جدتي، لم تجر الأمور بشكل سييء إلى الدرجة التي قد تظنين، مع العلم أن الموت شيء رهيب بحد ذاته.
لقد انتهى بها الأمر إلى أنها لم تعد تخرج أبداً، وفي كل صباح، وكل مساء، كانت السيدة " بويّار " تأتي لتعطيها الحقنة. لديها قبعة مدورة، وثوب بنفسجي، تدق الجرس، وتدخل وهي تقول : " هذا أنا ". إنها هي دائماً، عندما تسمع " هذا أنا " على الباب.
الأربعاء والأحد صباحاً، كنت أبقى في سرير جدتي، للحقنة. وكانت جدتي تقول : " إن جلدي بدأ يتجلط يا سيدة " بويّار "، لقد أصبح يشبه صلصة " البشاميل " المتخثرة.
بعد ذلك كنت آخذ " المحقن " لأقذف به في الماء.
في النهار، كانت جدتي ترتدي ثيابها، ولكنها، شيئاً فشيئاً، صارت ترتدي البنطال بدلاً من الفساتين الجميلة. لقد كانت تتلقى العديد من الزيارات، وكان الناس يتوافدون للبقاء بصحبتها أو لتسليتها. لقد كان ذلك قاسياً على جدتي، لأنها، من جهة، لا تستطيع أن تنكر وجودها في المنزل، ومن جهة أخرى، كانت ترفض رفضاً قاطعاً أن تكون متعبة. أما أنا فكنت أكره الزيارات.
إنني اعتقد أن بعض الاشخاص كانوا يأتون بسبب الفضول.
وصارت فترة بقائها في السرير تزداد شيئاً فشيئاً. ثم وجب أن تذهب إلى المستشفى بانتظام، أسبوعاً كلّ أربعة أسابيع. وبسبب ذلك، قرر جدي أن يتقاعد تقاعداً نصفياً، وانخفض، بالتالي، عدد زبائننا كثيراً. الشيء الجيد الذي كانت تتمتع به جدتي، هو أننا بقينا نأكل داخل المنزل كالسابق. وعدا أنها كانت تتنفس بصعوبة، فإنها لم تكن تشتكي مطلقاً.
كانت دائماً تقول إننا سنذهب إلى " سان فلور " الشهر القادم.
ومنذ ذلك الحين، وهي تكره الذهاب إلى المستشفى. والذي نكّد عليها عيشها أكثر، كان تفكيرها بذلك الأسبوع الذي يسبق ذهابها إليه، والأسبوع الذي يليه، مما كان يسيء كثيراً لصحتها، ويزيد من مرضها.
سوف تسألين نفسك عمّا إذا كان الذهاب إلى المستشفى يستدعي كل هذا التعب


.
خلال أيام المستشفى، كان جدي يأتي، ليأخذني من المدرسة، ونذهب لرؤيتها معاً
وفي إحدى الليالي، عندما وصلنا، كانت تنتقي شعراً مستعاراً، فقالت لي : يا نيقولا، هذا الدواء اللعين سوف يفقدني شعري، لهذا سأضع شعراً مستعاراً منذ الآن، وهكذا ستتعودون عليه.
لقد كانت جميلة بشعرها المستعار، ولكن. ليس كثيراً.
في المستشفى، كنت أتكلم كثيراً، وكنت أتعمد المرح، لأنني لاحظت أن جدي كان يرغب في قراءة الجريدة. إذا جلست اليوم بأكمله، في غرفة واحدة، وحتى مع شخص تحبينه كثيراً، فسوف تجدين نفسك في النهاية لا تعرفين ما الذي ستتحدثين عنه.
وفي المنزل، كان الوضع مشابهاً، كان جدي يسعد عند وصولي إلى المنزل، إذ يتاح له الذهاب إلى مكتبه، لأنه لم يكن يترك جدتي وحدها أبداً.
لقد نقص وزنه كثيراً، هو أيضاً.
حالتي سيئة كثيراً، في هذه الفترة.
لم " أنطق " حتى الآن، ليس لي أية رغبة، إن هذا مريع حقاً.
إن الحياة تسئمني. أجد كل شيء صعباً وقاسياً : النهوض، الأكل، الذهاب إلى المدرسة...
جدي أصبح عصبياً. أمس، صفعني على خدي، لأنه فاجأني. وأنا أتظاهر بأنني " أنازع " على الكنبة. وبعدها قال لي إن حالتي مربكة، ولكن دواء فعالاً تم اكتشافه، وهو علاج ناجح لإعادة الصوت :
أنبوب واحد، وينتهي الأمر : سوف أشفى، أنبوب واحد خلال أسبوع واحد. لكن هذا لم يأت بنتيجة تذكر. بعد ذلك قرر جدي شيئين : فمن جهة علي أن أبدأ إعادة تأهيل، وعلاجاً من جهة أخرى.
الثلاثاء، أذهب إلى المستوصف، بدلاً من الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية. وهناك، السيدة التي تجعلني أقرأ مقطعاً من الكتاب ذاته، في كل مرة بنبرة مستوية تماماً. أو أيضاً مع نهايات الجمل التي تعلو صوتياً. إنني أنفذ ذلك بصوت منخفض، أما بصوتٍ عال، فمستحيل.
الجمعة، أذهب إلى الدكتور " بالان " أجلس على كرسي، وأقص عليه أحلامي أو أرسم. وهو يقول فقط " آه.. نعم ‍ " من وقت لآخر. إنه يريد أن يعرف ما هو رأيي بوالدي . كيف يريد ذلك ؟ ليس لي والدان، إن جدي وجدتي هما والداي. لقد كنت دائماً مسروراً منهما. صحيح أن جدتي لم تكن من النوع الذي يعانقك في السرير، ولكنني أنا أكره أن يقبلني أحد، وخاصة النساء: خدودهن لينة.
جدي يوجه لي لكمات، ويشعث شعري عندما يكون سعيداً، وأنا أقابله بذلك. مع جدي، توجه لنا دعوات كثيرة، وهي بالنسبة لي أصعب من امتحان بسبب مشكلة صوتي. أفضل أن نبقى وحدنا نحن الاثنين. إنني سعيد هنا في المنزل. نشاهد التلفزيون معاً، وهذا يشغلنا. إن الحياة هنا تتكرر، وتعيد نفسها باستمرار.
المنزل هو فقط الذي تغير، لقد أصبح خاوياً، لقد صغر.
وضعت " جوليا " أغراض جدتي، على السقيفة، في خزانة ثم قفلتها بمفتاح. والآن، أتجول في البيت حسبما أريد. أفتح الدروج، توجد قطع قماش. وأصواف، وخيوط، ودانتيلات، في كل مكان. إننا نترك هذه الأشياء في مكانها هنا، لم يتغير شيء، سوى أنها لم تعد تتحرك أبداً.
جدي بخير. لنقل : بوضع جيد، أو أنه ببساطة ليس مريضاً.
إنني أتجول داخل نفسي، كما لو كنت شخصاً آخر. لقد فقدت قوتي وحيويتي.
عندما أفكر في هذا " الصوت " الذي لا يعود، أشعر بالخجل...
إنني لا أعرف ماذا أفعل، يا شوكس.
على الأقل، لا زلت أستطيع أن أكتب لك. ومع ذلك، عند المساء، وفي سريري، أحلم بنفسي، وكيف سأصبح بعد عشر سنوات. أي أنني أحلم بك أنت يا شوكس، وعندها أشعر بأنني أقوى قليلاً، وأكثر صلابة.
عندما نتزوج، سآخذك بين ذراعي، وأمرر يدي في شعرك، على خديك على فمك، وعلى كل جسمك.
إنني أرغب في ضمّك بين ذراعي أكثر من أي شيء آخر.
سوف تكونين جميلة جداً، ناعمة جداً ياشوكس
سوف تكونين مضحكة، سنأكل أطناناً من البطاطا المقلية، وحدنا. وسنذهب إلى البحر بمفردنا، سوف نركب الدراجات، وحدنا . سوف أصحبك للرقص. وسيكون لنا ستة أطفال، مع منزل كبير، في حديقة واسعة، بالقرب من مدينة مليئة بصالات السينما. سوف يكون في الحديقة جدول ماء، وصخرة أتمنى أن نصبح أغنياء، ولكنني لا أعرف، حتى الآن، المهنة التي سأود ممارستها.
ملاحظة : لقد قبلّت فتاة في المدرسة الابتدائية. اسمها ( كاترين )، كانت تعيرني أقلامها، وكنت أقدم لها السكاكر التي آخذها، خلسة، من خزانة جدتي. وفي أحد الأيام، كتبت لها ( كلمة صغيرة )، رسالة حب صغيرة، ووقعتها بالحرف الأول من اسمي، وأعطيتها أياها عند ما خرجنا من الفصل، لجمع أوراق الشجر، لدرس العلوم. لم تقل شيئاً، ولكنها، في اليوم التالي، قدّمت لي ملصقاً رائعاً . وبعد ثلاثة أيام، خرجنا من جديد، لجمع أنواع أخرى، من الأوراق التي تنقصنا، وفي لحظة معينة، كنا متفرقين في الغابة، تعمدت أن أكون معها خلف كومة من الأغصان، وفجأة ‍ هجمت عليها، وقبلتها صفعتني وراحت راكضه، وبعدها، لم يكلم أحدنا الآخر أبداً.
ليس من الضروري أن تغاري منها، لم أعد أحبها على الإطلاق.
الآن، أحب أن أقابلك، وأقبلك، ولكن ليس بمثل تلك السرعة.
وبدلاً من أن تصفعيني، سوف تمسكين بيدي، ونمضي معاً.
المشكلة هي أنني لا أعلم إذا كنت جميلاً بلا نظارات. لقد حاولت مراراً أن أنظر لنفسي، على حين غرة، في المرآة، ولكنني لا أستطيع أن أرى نفسي، كما لو كنت شخصاً غريباً.
إن كل شيء فيّ عادي : الأنف، العينان، الفم، الشعر، إنني أتساءل كيف يستطيع الناس التعرف إلي، وأنا عادي إلى هذه الدرجة.
إن شعري ليس مجعداً، ولا يوجد نمش في وجهي، وليس عندي شيء كبير جداً، أو صغير جداً. إنني لست سميناً ولا نحيفاً، شعري كستنائي وعيناي عسليتان. كم أود أن يكون عندي ندبة، أو أي شيء آخر يميزني عن الآخرين، خاصة، في مدرسة " كليرمون ".
هنا، في " برامفان "، أنا " دولوز الصغير " وهذا معناه : حفيد جدي. وجدي شخصية معروفة، وإذن، أنا مثله.
جدتي كانت تقول له دائماً : أنت أنيق جداً. إن جدي يرتدي، دائماً، بزة مع صديري من اللون نفسه، وربطة عنق مناسبة، إنه رائع. وأنا أحب كثيراً أن أتنزه معه، إن هذا يعطيني بعض الأهمية.
جدتي أيضاً، كانت مميزة جداً، أما أنا، فلا أعتقد ‍ إنني غير ملفت للنظر. وسوف أحاول أن أعدّل ذلك، عندما أصبح كبيراً. أود أن أصبح لائقاً وجذاباً. لقد فات الأوان لأتمنى أن أصبح نجماً : لست جيداً في الشفهي، وأغني بشكل وسط، لا أعزف على أية آلة موسيقية، غير الهارمونيكا. إن عمي " جان " هوالذي علمني العزف عليها. وعندما أخبرت أستاذ الموسيقا بذلك، لم يبد عليه أنه وجد ذلك مميزاً البتة.
وبالإضافة إلى الهارمونيكا، أصّفر، إنني أعشق التصفير، خاصة الآن، وأنا لا أستطيع الكلام.
عندما أصل إلى " برامفان " مع باص المدرسة، أركض إلى المنزل، وأصفر " دو - فا - مي "، فإذا كان جدي موجوداً، يجيبني بالطريقة ذاتها هو الآخر. وإذا كان غائباً، فهذا لايهم، أصعد إلى غرفتي. وعندما يعود أسمع صوت أقدامه على الدرج، مما يثير في نفسي شعوراً غريباً، لأنه في زمن جدتي، لم يكن يصعد إلى فوق أبداً.
إن سماع وقع أقدامه يجعلني اضطرب. إنني أشعر بالرغبة في البكاء إذا كانت حالتي سيئة كما في مثل هذه الأيام.
في الواقع، أشعر بالخجل أمام جدي، ومع ذلك، فهو مرح، ولطيف جداً، بعض الأحيان، وليس غالباً، نلعب معاً بورق اللعب.
يكون مستحيلاً ألا تحبي جدي، الجميع يحبونه.
***
هذه المرة، سأقص عليك شيئاً طريفاً :
مدرّسة الرياضيات تدعى الآنسة " بوز". إنها متوحشة، والجميع يكرهونها، ويحتقرونها. إذا رأيتها تحك رأسها، فهذا فأل سييء ! إنها تحك رأسها، دائماً، عندما تريد أن تقذف جملة لاذعة أو جارحة لواحد منا نسي كتابة واجبه، أو " يلعب دور الأحمق " على كرسيه.
حتى الأولاد الكثيرو الحركة، مثل " لودفيك " يخافون منها. إنها قادرة على جعلك أضحوكة. أو أن تجعلك تشعرين بالخجل بمجرد النظر إليك فقط.
والحالة هذه، تخيلي أنه توجد في الصف - نحن دائماً نبقى في الصف ذاته لأن مدرستنا قديمة وكبيرة جداً - توجد فتاة داخلية : إنها سمكة حمراء موضوعة في حوض بلوري. لقد قدّمناها لمدرس اللغة الفرنسية بمناسبة أعياد الميلاد، ولكنه شرح لنا أن ابنته لديها قطة قد تأكل السمكة " نيمو " إذا أخذها إلى منزله. فقررنا أن نبقيها في الصف إن السيد " دولاهي " هو الذي يشتري لها طعامها، ونحن نغير لها الماء من وقت لآخر. وفي أيام العطل، نختار بالقرعة الشخص الذي سيأخذها للإقامة عنده.
هاهي " بوز " تأخذ مكانها على المنصة، وتجلس، بينما نحن نجمد على مقاعدنا، لأن هذه هي اللحظة التي ستختار فيها من سيكتب على السبورة. وتمر إصبعها على دفترها، وتعرف، وتقول لنفسك : هنا تجاوزت حرف النون، بعد ذلك تْراك تعود للصعود. أنت تعرف : إنها سادية.
- هذا الصباح، تقول، " دوبو " !
أوف، تصوري الصف خمساً وعشرين مرة، دون " دوبو " الذي يقف وكأنه شهيد. يأخذ الطبشورة، وتتراجع " بوز " قليلاً على المنصة، دون أن تنهض، لتفسح له المجال للمرور. استمعي جيداً : إنها تتراجع تتراجع كثيراً جداً، وتهوي رجل من أرجل الكرسي في الفراغ : فتتأرجح " بوز " وتتمسك بالمكتب، ويتبعها المكتب، وحوض السمكة أيضاً... وخلال ثانية واحدة أصبح كل شيء على الأرض، و" نيمو " معهم !
لا يمكنك تصور الانفعال الذي حدث ! لقد كدنا نموت لعدم قدرتنا على الضحك علناً. واندفع الطلاب الجالسون في الصفوف الأولى لمساعدة الآنسة " بوز " في النهوض. كانت ذراعها تؤلمها،




المسكينة، ولكنها استقامت ووقفت دفعة واحدة وهي تطلب من عريفي الصف أن يعيدا المكتب إلى موقعه الأول، ومن كل واحد أن يجلس مكانه.
ومن أجل " نيمو " اضطررنا للذهاب إلى المطبخ، لإحضار وعاء مربى فارغ، لأن وعاءها كان قد انكسر فعلاً .
بعد ذلك، صفقتنا بمذاكرة كتابية، لمدة ساعة. إنها مسألة استعادة هيبة. لقد كانت هذ الحادثة أقوى من قدرتنا على التحمل بكثير، فمن حين لآخر، كان واحد منا ينفجر ضاحكاً، بشكل عصبي، دون أن يتجرأ على رفع رأسه. وحتى النهاية، تصنّعت " بوز " عدم ملاحظتها أي شيء.
لقد توقفت عن الكتابة لكِ، منذ أكثر من شهر. لم أعد أستطيع تحمل نفسي، وجدي لم يعد يستطيع تحملي. إنني أغرق نفسي في الصمت، لأنني خجل جداً من هذا الصوت المرتعش. إنك الشخص الوحيد الذي أرغب في التحدث إليه، دون أن أكون مجبراً، إذن، لو توقفت عن الكتابة لك فسوف أنتهي. وبالإضافة لذلك، إذا لم يعد صوتي إلي، فلن توافقي على الزواج مني، ولن يكون لنا أطفال. سوف أصبح بائراً، أخرس يضع نظارات، ونظارات سميكة جداً.
لم أعد أعرف ماذا علي أن أفعل،
وكذلك جدي.
وكذلك الدكتور " بالان "
وكذلك أخصائي السمع.
كلهم يدّعون أنني " لا أشكو من شيء "
إذا كنت " لا أشكو من شيء "، فهذا يعني أنني " مجنون " سوف ينتهون إلى وضعي في مصحة المجانين. إنهم يتصورون أن صمتي هذا يلائمني لسبب لا أعرفه.. ولهذا أشعر بالخجل.
بالطبع، أنا أتكلم بصوت منخفض. ولكن بمثل هذا الصوت لن تستطيعي مناقشة أو محادثة سوى شخص واحد، وهو يحاول أن يصغي إليك بانتباه، وفي مكان خالٍ من الضجة. إنني، عملياً، لا أتكلم إلا مع جدي، وأيضاً، ليس كثيراً، لأن هذا يؤلمه. إنني أتكلم أيضاً مع " جوليا " هي، على الأقل، تعتقد أن الأمر ليس خطيراً. وأصدقائي يعتقدون ذلك أيضاً، على ما أظن. ولكن، بما أنه ليس لدي أصدقاء حقيقيون، فإن زملائي في الصف، لا يعيرونني أي انتباه، والأمر سيان بالنسبة لهم لو تكلمت بصوت عال، أو منخفض، أوسكتُ.
أشعر أنني دخيل عليهم.
إنني واثق من أن جدتي كانت ستعرف ماذا تفعل، هي. لقد كانت تجد دائماً حلاً. كانت تعرف، مسبقاً، أجوبة المسائل، وكان ذلك أحياناً، بطريقة مبالغ فيها، لأنه لم يكن لديك الوقت الكافي لإيجادها بنفسك.
أنا وجدي أقل منها ثقة بأنفسنا، وهذا بطبعنا. مثلاً، نذهب إلى المقبرة. يجب أن نتذكر أخذ الورود من الحديقة، نفعل ذلك. ولكن إبريق الماء، ننساه، أغلب الأحيان، وهكذا، يجب أن نعود إلى الصنبور الموجود في الطرف الآخر، وكذلك، يلزمنا مكنسة صغيرة، لتنظيف القبر من الأوساخ، ولا نحضرها أبداً معنا، فلهذا نمسح القبر بخنشار الزهرية التي قمنا باستبدالها.
ثم نتلو صلاتين : جدي واحدة، والأخرى أنا، وإلا سوف يكون مخيفاً أن نبقى جامدين هنا، كلّ يفكر مع نفسه. بعد ذلك نذهب، ولا يعود لنا تنفسنا الطبيعي، حتى نصل أمام محل صانع الأحذية.
كل يوم تسألنا "جوليا " عما نريد أن نأكل في اليوم التالي. لا توجد لدينا أفكار أبداً.
***
حاولي يا شوكس : إنني بحاجة إليك !
حاولي أن تدخلي تاريخ حياتي، قبل الوقت الطبيعي. سوف تكونين رؤيا، وعند حدوثها، معجزة ! سوف أتكلم من جديد. إنني أفكر في هذه الجملة من الكنيسة : " قل فقط كلمة واحدة، وسوف تشفى نفسي ".
ولكن بالنسبة لي سوف تكون بالعكس : " أعطني، فقط، نفسك، وسأنطق." .
إنني أقول لك " أنتِ " يا صديقتي الصغيرة في المستقبل. يجب ألا أتوقف عن الكتابة في هذا الدفتر. إنني افضّل أن أكتب لك، أكثر من الذهاب المتكرر إلى الدكتور " بالان " مثل " كره الصوف ". ومع ذلك، فالدكتور " بالان " يهتم بي كثيراً وفي هذه الفترة، يطلب مني كتابة الجمل التي لفتت انتباهي خلال النهار، على ورقة. اليوم كتبت:
" - حزمة ضائعة
- دون حق في الإعادة، أو رسم أمانة.
- العلامات الفارقة لاشيء ".
وبدا الدكتور سعيداً جداً. بعد ذلك طلب مني أن أقص عليه ( بصوت منخفض ) قصة، مستعملاً هذه الكلمات. فقصصت عليه قصة زجاجة عادية جداً، لدرجة أنه لم تكن لها " علامات فارقة " وقد كتب عليها " دون حق في الإعادة، أو أية تعليمات أخرى ". وقد أُلقِيَتْ هذه الزجاجة في صندوق للقمامة، وكانت رائحتها عفنة جداً. وكانت تعيسة جداً لفكرة أنها ستقضي آخر أيامها في
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اطول رسالة في العالم(جزء2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شباب دارالشاوي :: 
منتديات أدبية فكرية وثقافية
 :: قصص حكايات وروايات
-
انتقل الى: