هاجس الأمن في دبي أدى إلى الكشف عن الكثير من
الألغاز
تخفي دبي خلف انفتاحها واستضافتها لمئات الآلاف من المقيمين الأجانب "هوسا
أمنيا" لإبقاء الامور تحت السيطرة في منطقة غارقة في التحديات الجيوسياسية،
ما مكنها من كشف قتلة القيادي في حماس محمود المبحوح بسرعة، بحسب
خبراء.
وأكد خبراء أمنيون لوكالة فرانس برس أن هذا الانفتاح يقتضي وجود "عملية
أمنية ضخمة" الا انها غير ظاهرة ولا يشعر بها غالبية الناس.
وفي وقت تشير فيه اصابع الاتهام في دبي والعالم الى جهاز الاستخبارات
الاسرائيلية "الموساد" قال قائد شرطة الامارة الفريق ضاحي خلفان، من دون أن
يخفي فخره، إن قتلة المبحوح والجهات التي تقف خلفهم "اغبياء".
وتتحكم شرطة الامارة، التي يشكل الاجانب اكثر من 80 في المائة من سكانها
بشبكة كاميرات مراقبة واسعة سمحت بكشف أدق تفاصيل المجموعة غير المسلحة
التي قتلت المبحوح في أحد فنادق الامارة، في عملية كان يفترض ان تكون
محكمة.
وقال رياض قهوجي مدير مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري ان
"الامن في دبي موضوع قلق مستمر وهوس مستمر"، مشيرا الى انه "هوس ايجابي
وليس جنونا".
وأوضح أن "دبي تعتمد بشكل أساسي على الخدمات والسياحة ويعيش على أرضها
أشخاص من 203 جنسيات وهي مدينة مفتوحة، ويترتب على ذلك مسؤوليات أمنية
مضاعفة".
وذكر الخبير أن دبي تدير "عملية أمنية ضخمة" و"غير سهلة على الإطلاق"، وهي
تملك أنظمة استخبارات ومراقبة واستطلاع على مستوى عال من التقنية، فكل
المرافق والفنادق والمراكز التجارية مراقبة".
كما أشار الخبير الى امتلاك الإمارة "نظاما استخباراتيا بشريا دقيقا وسريعا
اضافة الى اتصالات دولية عالية ومركز قيادة لجمع المعلومات وتحليلها".
وأضاف "يكفي أن نتخيل كم يوجد مترجمون لتحليل المعلومات في مدينة فيها 203
جنسيات".
وكشفت شرطة الامارة الاثنين عن تفاصيل دقيقة وصور لـ11 شخصا دخلوا البلاد
بجوزات سفر اوروبية، بينما كانوا يتنقلون بين عدة فنادق ومراكز تجارية في
مناطق مختلفة من دبي للاعداد لاغتيال المبحوح، وصولا الى تمكنهم من حجز
غرفة فندقية مجاورة ومحاولتهم فك شيفرة باب غرفته.
وحمل هؤلاء ستة جوازات بريطانية وجوازا فرنسيا وآخر ألمانيا وثلاثة جوازات
ايرلندية بحسب الشرطة. وقد اكد متحدث باسم الخارجية الايرلندية لوكالة
فرانس برس أن عدد الجوازات الايرلندية التي استخدمت في عملية الاغتيال بحسب
سلطات دبي هو خمسة وليس ثلاثة.
وحسب الشرطة فقد قتلت المجموعة المبحوح بكتم الانفاس وتمكن افرادها من
مغادرة دبي بظرف ساعات قليلة الا انهم تركوا خلفهم "ادلة" وخصوصا ساعات من
التصوير تظهر وجوههم.
وتسبب ما كشفت عنه شرطة دبي بخضة على مستوى العالم وببداية ازمة دبلوماسية
بين بريطانيا وفرنسا وايرلندا من جهة واسرائيل من جهة اخرى وذلك بسبب
الجوازات التي استخدمها اعضاء المجموعة والتي قالت الدول الثلاث انها
مزورة.
لكن اغتيال المبحوح ليس اول عملية تكشف خفاياها شرطة دبي بشكل مدو.
فتحقيات شرطة الامارة ادت الى اتهام السياسي والملياردير المصري النافذ
هشام طلعت والحكم عليه بالاعدام في مصر بتهمة التحريض على قتل الفنانة
اللبنانية سوزان تميم في صيف 2008 في دبي.
وفي أبريل/ نيسان 2009 اتهم قائد شرطة دبي نائب رئيس الوزراء الشيشاني
السابق وعضو البرلمان الروسي آدم ديليمخانوف بالوقوف وراء اغتيال الزعيم
العسكري السابق في الشيشان سليم عمادييف الذي قتل بالرصاص في الامارة في 28
مارس/ اذار 2009.
من جانبه، قال الخبير في الشؤون الاستراتيجية ابراهيم خياط ان "الاجراءات
المتطورة جدا في دبي هي وسائل حماية وليست وسائل قمعية ولها قدرة رادعة
أيضا ولا تخدش الحرية الشخصية, على عكس اماكن اخرى مثل الولايات المتحدة
حيث يتم التعرض لاجساد المسافرين بدعوى الحفاظ على الأمن".
واوضح خياط ان دبي "يقطنها مليونا اجنبي الى جانب 400 الف مواطن, وهناك
عشرة ملايين سائح سنويا واربعون مليون شخص يستخدمون مطار الامارة, وبالتالي
هناك حرص كبير على الحفاظ على سلامة المجتمع من دون التدخل بحياة الناس
ومن خلال مقاربة ناعمة".
ووصف النظام الأمني في دبي بأنه "من الافضل في العالم".
الا ان الجهة التي نفذت اغتيال المبحوح، والتي يرجح كثيرون ان تكون الموساد
لم تأخذ على ما يبدو كل هذه المعطيات بجدية وهي "خسرت الكثير".
وذكر قهوجي في هذا السياق ان "الموساد قلل من اهمية قدرات شرطة دبي
التكنولوجية" مشيرا الى انه "استخدم جوازات صحيحة وليست مزورة ما يفتح
المجال امام مشكلة دولية كبيرة اذ ان هناك اختراقا اسرائيليا لاجهزة اصدار
الجوازات.