لكي توفِّر لنفسك أُسساً للثقافة الاسلامية ، ينبغي أن تبدأ بدراسة وتحصيل الاُسس الثقافية الاسلامية من خلال مجموعة من الكتب الاسلامية الأساسية ، والدروس والبرامج الاسلامية ..
ويمكن تلخيص المنهج الّذي يُكوِّن لدى المسلم الناشئ أُسساً ثقافية اسلامية ، بالآتي :
1 ـ إنّ الأساس الّذي تُبنى عليه الثقافة الاسلامية ، هو العقيدة الاسلامية ; وهناك كتب كثيرة توضِّح العقيدة الاسلامية ..
ولكي توفِّر لنفسك أُسساً ثقافية اسلامية مُلتزمة ، فعليك أن تبدأ بدراسة كتب العقيدة الاسلامية ، أو تحصل على دروس مسجّلة على الأشرطة الصوتية ، أو أشرطة الفيديو ، أو تحضر دروساً في العقيدة ، إذا كانت هناك دروس مُقامة في هذه المعرفة الاسلامية .
فمَن تتوفّر له معرفة بأُصول العقيدة عن يقين وبرهان علمي ، تترسّخ العقيدة في نفسه أوّلاً ، ثمّ يستطيع أن يرد الشّبهات المثارة ضدّ العقيدة الاسلامية ثانياً .
وثالثاً يتوفّر له الوضوح الكافي بقضايا العقيدة الاسلامية ، كالتوحيد والعدل الإلهي ، والقضاء والقدر ، والنبوّة والمعجزة والوحي ، والغيب والمعاد والجزاء ، والإمامة ... إلخ . ولكي تكون المعرفة العقيدية معرفة سليمة ، يجب على القارئ أن يختار الكتاب العقائدي الخالي من الأفكار الخرافية أو المحرّفة ، وأن يتّخذ القرآن الكريم مُقياساً للمفاهيم العقائدية الّتي يدرسها في هذه الكتب وغيرها ..
ويوجِّهنا الامام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) أحد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) العظماء ، يوجِّهنا الى أن نأخذ معارف العقيدة من القرآن الكريم وبوعي قرآني ، جاء هذا التوجيه بقوله :
«لا تجاوزوا ما في القرآن ، فتضلّوا بعد البيان» .
2 ـ الثقافة الفقهيّة : وعلم الفقه يوفِّر لنا المعرفة بأحكام الشريعة وقوانينها في مجالات الحياة كافّة ، قوانين الاُسرة والدولة والمال والأرض والتجارة والعبادات والأطعمة ... إلخ ، لا سيّما التكاليف الواجب علينا فعلها أو تركها ..
ولكي تتوفّر لديك ثقافة فقهيّة ، فعليك أن تقتني كتاباً في الفقه الاسلامي ، وتدرسه وتتعلّم أحكامه ..
وليس معنى الفقه في الدِّين هو معرفة الأحكام الفقهية فحسب ، بل ويعني الوعي والفهم للعقيدة والنظم والمفاهيم والأحكام ، والقدرة على الاستنباط .
3 ـ ولكي توسِّع ثقافتك الاسلامية ، وتتكوّن لديك أُسساً ثقافية اسلامية ، فعليك أن تقتني كتباً ميسّرة ، واحداً في أُصول الفقه ، وآخر في علوم القرآن ، وثالثاً في علوم الحديث ..
فإنّ دراسة هذه الكتب يوفِّر لك معرفة أساسية ، وإن كانت أوّلية ، بأهم أُسس الثقافة الاسلامية الخاصة بالاجتهاد وكيفيّة استنباط الأحكام الشرعية ، وبعلوم القرآن والحديث .
4 ـ ولا تكتمل ثقافتك الاسلامية إلّا بالاطِّلاع على سيرة الرسول الهادي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ودراسة حياته وشخصيّته الكريمة ، والتعّرف على سيرة عظماء الاسلام ، وفي مقدّمتهم أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فهذه الدراسة تؤفِّر لك أغنى ثقافة اسلامية في الحياة ; سواء في السلوك الأخلاقي ، أو في القوانين ونظام الحياة ، أو في فهم الشريعة الاسلامية ، كما توفِّر لك أعظم العبر والمواعظ ، وتوضِّح لك معنى الاسلام بصورة عمليّة ، وهناك كتب كثيرة تتحدّث عن السيرة النبوية ، فاقتن واحداً منها ، مستوعباً لأحداث السيرة وفصولها .
ويجب أن تحذر من الكتب التي تحوي الدّسّ والخرافات والمعلومات الخاطئة عن سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الناصعة النيِّرة وأهل بيته (عليهم السلام) .
5 ـ الأخلاق : وتشكِّل الأخلاق والثقافة الأخلاقية ركناً أساساً من أركان الثقافة الاسلامية ، وقد أ لّف علماء الاسلام والمفكِّرون الاسلاميون كتباً كثيرة في علم الاخلاق والآداب ، ولكي تتوفّر لديك ثقافة أخلاقية ، فمن الضروري أن تدرس كتاباً في علم الأخلاق ، وتتعرّف على الأخلاق الاسلامية من خلال القرآن الكريم والسنّة النبويّة المطّهرة .
6 ـ التأريخ الاسلامي : التاريخ معلِّم الانسان ، وفيه من المواعظ والتجارب والعبر ما لا يستغني الانسان عنه ، وهو مصدر غنيّ بالثقافة والمعرفة ..
والتاريخ يُعرِّفنا على أُمّتنا وعظمتها الحضارية والعلمية وموقعها بين الاُمم ، وما قام به آباؤنا وأجدادنا العظام من الفتوحات ، وتحرير الشعوب ، ومقاومة الظّلم والفساد والاستعمار وسيرة الطّواغيت .. كما يُعرِّفنا حقائق كثيرة عن الناس الّذين سبقونا ..
لذا فانّ دراسة التأريخ ومعرفته يمنحنا ثقافة واسعة ويكمِّل ثقافتنا ، وذلك يتطلّب منك اختيار كتاب في التأريخ وقراءات في التأريخ .
7 ـ اللّغة والأدب : اللّغة العربية هي لغة الاسلام ، لغة القرآن والسنّة النبوية المطهّرة . وهي لغة العلوم والمعارف الاسلامية كلّها .. الفقه والعقيدة وأُصول الفقه وعلوم الحديث الشريف والفلسفة والأخلاق ... إلخ ، ومعرفتها أساس ثقافي مهم ..
ويُعتبر علم النحو من أهم علوم اللّغة العربية للشخص المثقّف ، وانّ دراسة النحو والصّرف مسألة ضرورية لتحقيق النطق الصحيح وصيانته من الخطأ ..
فمَن يجهل النحو ، ولا يُميِّز بين ما هو مرفوع أو منصوب أو مجرور أو مجزوم ، فيكثر عنده الغلط عند النطق بالجملة العربية ، وذلك عيب ونقص ثقافي ، تنبغي معالجته . إضافة إلى أنّ الغلط في نطق الكلمة من النحو والصرف ، يُغيِّر معنى الكلام في كثير من الأحيان ..
إنّ الثقافة اللّغوية هي مقياس لشخصيّة الانسان الثقافية ، وذلك لأنّ النطق والتعبير اللّغوي يدلّ على مستوى الانسان الثقافي ..
فمَن لايُحسِن التعبير والحديث ، أو يُخطِئ في اللّغة ، يوحي للآخرين بضعف ثقافته ، لذا ينبغي معرفة معاني الألفاظ اللّغوية والقواعد النحوية والصرفية ، والاطِّلاع على أساليب التعبير ، وتنمية القدرة الأدبية عن طريق القراءة والدراسة والاستماع إلى البرامج والندوات الأدبية ، ودراسة كتاب مختصر في علم النحو .
8 ـ الفكر الاسلامي : ومن المعارف الثقافية الأساسية هي معارف الفكر الاسلامي السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها ..
فلكي توفِّر لنفسك أُسساً ثقافية في هذا المجال ، لا بدّ من قراءة مجموعة من كتب الثقافة الاسلامية التي كتبها الكتّاب والمفكِّرون الاسلاميون في مجال الاقتصاد الاسلامي ، ونظام الحكم والسياسة في الاسلام ، والنظام الاجتماعي ، ونظام الاُسرة والتربية والحريّة وحقوق الانسان في الاسلام ، والعلم والحضارة ... إلخ .
إنّ قراءة هذه المجموعة من الكتب ، ومتابعة البرامج التلفزيونية والإذاعية في الفكر والعلوم والثقافة الاسلامية ، توفِّر لك أُسساً ومعلومات ثقافية اسلامية ، وتفتح أمامك طريق الثقافة والمعرفة الاسلامية ، وتكوِّن لديك أُسساً وضوابط ثقافية ، تحفظ تفكيرك وثقافتك من الارتباك والفوضى ..
وإذاً عليكَ أن تبدأ بتكوين ثقافتك الاسلامية أوّلاً ، ثمّ تتّجه لدراسة الكتب الثقافية غير الاسلامية ثانياً ، لتنطلق من أُسس صحيحة في تكوين ثقافتك الاسلامية .
أمّا الشّاب المسلم الّذي يبدأ بتناول الثقافة غير الاسلامية ، وتتكوّن أُسس ثقافته بعيداً عن الفهم الاسلامي ، يعيش حالة من الفوضى والشّبهات وعدم الوضوح للفكر الاسلامي .. بل وتسبّبت هذه الطريقة بحرف الكثيرين ، وبلبلة أفكارهم .