اغتيال المبحوح في دبي يسلط أضواء كاشفة على الموساد

اغتيال المبحوح في دبي يسلط أضواء كاشفة على الموساد








ديفيد جريتن

بي بي سي نيوز













رصدت كاميرات المراقبة تحركات مشبوهة لبعض الأشخاص





في عام 1973، قتل عملاء لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، الموساد، نادلا مغربيا كان يعمل في مدينة نرويجية تسمى ليلهامر اعتقادا منهم أنه الزعيم الفلسطيني علي حسن سلامة الذي كان وراء الهجوم على الفريق الرياضي الإسرائيلي المشارك في الألعاب الأولمبية التي احتضنتها مدينة ميونيخ الألمانية عام 1972 وأدى الهجوم إلى مقتل 11 رياضيا إسرائيليا.
واعتقل اثنان من أعضاء فريق الاغتيال في اليوم التالي بسبب استخدامهما لنفس المركبة أثناء توجههما إلى المطار. وكان أحد المعتقلين متطوعا من مواليد الدنمرك وتنقصه الخبرة المطلوبة قد زود الشرطة بوثائق أدت إلى اعتقال وسجن بعض زملائه ونشوب أزمة دبلوماسية.
والوثائق التي عثرت عليها الشرطة في حوزة المتطوع الدنماركي كانت فواتير احتفظ بها ليطالب الموساد باسترجاع المبالغ التي صرفها خلال تنفيذ العملية.
لكن بعد مرور 27 عاما على هذه العملية، استطاعت شرطة دبي العثور على وثائق ولو أنها هذه المرة إلكترونية كشفت النقاب عن وجود فريق اغتيال مما أشار بأصابع الاتهام إلى إسرائيل وأثار عدة تساؤلات بشأن مستقبل العمليات السرية في البلدان الأجنبية.


كان المبحوح عضوا قياديا في حماس





واستطاعت شرطة دبي يوم الأربعاء الماضي التعرف على 15 مشتبها بهم جدد في عملية اغتيال محمود المبحوح، العضو القيادي في حركة حماس مما رفع عدد المشتبه بهم الذين يعتقد أنهم شاركوا في عملية الاغتيال إلى ما لا يقل عن 26 شخصا.
وتمكن المحققون في دبي من تحديد أسماء المشتبه فيهم وجنسياتهم وأرقام الجوازات التي استخدموها والصور المثبتة فيها، بالإضافة إلى صور عالية الوضوح التقطتها كاميرات مراقبة تظهر ما قاموا به.
ونجحت السلطات اعتمادا على سجلات الهجرة وإيصالات صادرة بسبب استخدام 14 مشتبها فيهم بطاقات ائتمان حركة 26 مشتبه فيهم خلال دخولهم وخروجهم من دبي في تاريخ سابق خلال السنة الماضية وخلال وجود المبحوح في دبي.
ويقول مسؤولون رسميون في دبي إن المشتبه فيهم قدموا إلى دبي من أوروبا يومي 18 و 19 يناير/كانون الثاني الماضي، في حين أن خمسة مشتبه فيهم غادروا دبي بعد أقل من 24 ساعة على إقامتهم فيها عندما حصلت عملية الاغتيال بينما غادر آخرون في اليوم التالي.
واتضح أن أسماء وتفاصيل 8 من أصل 12 جوازا بريطانيا تعود إلى مواطنين بريطانيين يحملون الجنسية الإسرائيلية ويعيشون في إسرائيل. ولكنهم أنكروا صلتهم بعملية الاغتيال.
واتهمت حماس الموساد بالمسؤولية عن اغتيال المبحوح قبل أن تظهر صلة إسرائيل بالعملية. وقال الفريق ضاحي خلفان، رئيس شرطة دبي، يوم 15 فبراير/شباط إنه شبه " متأكد من أن عملاء الموساد نفذوا عملية القتل".
وتشمل قائمة البلدان التي استخدمت جوازاتها في تنفيذ عملية الاغتيال بريطانيا وإيرلندا وفرنسا وألمانيا وأستراليا والتي بدورها عبرت عن غضبها وطالبت فورا تفسيرا من الدبلوماسيين الإسرائيليين المعتمدين لديها.
لكن الدبلوماسيين الإسرائيليين قالوا إنه لا توجد أدلة على تورط الموساد في العملية رغم أنهم لم ينكروا ذلك اتساقا مع سياسة الحكومة الإسرائيلية في إبقاء الأمور "غامضة".


نجحت سلطات دبي في تحديد هويات بعض المشتبه فيهم




وقد أشادت وسائل إعلام إسرائيلية وعملاء سابقون في الموساد بالجهاز بسبب تنفيذه عملية ناجحة أخرى في الخارج لكن دبي كشفت النقاب بسرعة عن معلومات غير مسبوقة بشأن عملية الاغتيال، واتضح أن هويات مواطنين إسرائيليين سرقت.
وكتب يوسي ميلمان في صحيفة هاآريتس متسائلا "26 وربما 30 شخصا أرسلوا إلى دبي لقتل شخص واحد؟ ولو سلمنا أن بإمكانهم الهروب جوا من مسرح العملية، كيف يمكن الاعتقاد أن عملاء الموساد اختبأوا في إيران؟" في إشارة إلى إعلان سلطات دبي مغادرة اثنين من المشتبه فيهم إلى إيران عن طريق البحر.
ونفى عميل سابق في جهاز الموساد يدعى رامي إيجرا تورط الجهاز في الاغتيال بسبب فشل فريق الاغتيال في تعطيل كاميرات المراقبة في الأوقات الحرجة واستخدام جوازات تعود إلى مواطنين أجانب يعيشون في إسرائيل.
وأضاف قائلا "في الموضوع غباء. لا يمكن أن تكون إسرائيل مسؤولة عما حصل... لا يمكن أن تتجاوز السرعة المسموح بها عندما تكون كاميرات المراقبة مثبتة في مكان ما لأنها ستلتقط صورك... العملية كلها تظهر أن من قام بذلك تنقصه المهنية".
وتظهر بعض تفاصيل عملية اغتيال المبحوح اتساقا مع قاله سابقا بعض عملاء الموساد لهم معرفة بعمليات الانتقام من المتورطين في هجوم ميونيخ. وقالوا إن الاغتيالات نفذتها أعداد كبيرة من العملاء وعلى مراحل. وفي هذا السياق، أظهر تحقيق كانت أجرته الشرطة النرويجية أن 14 شخصا شاركوا في تنفيذ عملية ليلهامر.


استخدم فريق الاغتيال جوازات أوروبية في تنفيذ العملية




ويقول عميل سابق في جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) يدعى بروس ريدل ويعمل حاليا في مركز أبحاث يسمى معهد بروكينز الذي يتخذ من واشنطن مقرا له إن ما كشفت عنه شرطة دبي لم يغير قناعاته بأن إسرائيل تقف وراء الاغتيال، مضيفا أن العدد الكبير من العملاء الذين كانوا في دبي ربما شاركوا في أكثر من مهمة.
وكتب عميل متقاعد في العمليات السرية في الموساد تحت اسم مايكل روس قائلا إنه يتفق مع الرأي القائل إن أكثر من عملية نفذت في دبي.
وأضاف أن "من الخداع القول إن إسرائيل لم تكن متورطة على نحو ما. لكني أعتقد أن هناك جوانب عديدة وفاعلين دوليين لهم علاقة بالعملية مقارنة بما يتبدى للعين المجردة".
وتابع روس قائلا إنه يعتقد أن فريق الاغتيال لم يتوقع أن تنجز سلطات دبي تحقيقا شاملا في العملية ولم ينتظر منها أن تثير اهتماما كبيرا بالموضوع.
ويقول العميل الأمريكي السابق ريدل إن إسرائيل لن تقيم وزنا بالضرورة لتداعيات عملية الاغتيال، مضيفا أن إسرائيل تبعث برسالة واضحة مفادها أن الموساد سيستهدف أعداء الدولة العبرية حيثما وجدوا.
وأضاف أن أجهزة المخابرات لن تعدم الوسائل للتحايل على الأجهزة التكنولوجية مضيفا أن لعبة التجسس لن تتعطل بسبب كاميرات المراقبة.